كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وفيه أنه وإن صح عدها من الخطايا بالنظر إليه عليه السلام لما قالوا: إن حسنات الأبرار سيئات المقربين إلا أنه لا يصح إرادتها هنا لما أنها إنما صدرت عنه عليه السلام بعد هذه المقاولة الجارية بينه وبين قومه.
أما الثالثة فظاهرة لوقوعها بعد مهاجرته عليه السلام إلى الشام؛ وأما الأوليان فلأنهما وقعتا مكتنفتين بكسر الأصنام، ومن البين أن جريان هذه المقالات فيما بينهم كان في مبادي الأمر، وهذا أولى مما قيل: إنها من المعاريض وهي لكونها في صورة الكذب يمتنع لها من تصدر عنه من الشفاعة ولكونها ليست كذبًا حقيقة لا تفتقر إلى الاستغفار، وقيل: أراد بها ما صدر عنه عند رؤية الكوكب والقمر والشمس من قوله: {هذا رَبّى} [الأنعام: 77] وكان ذلك قبل هذه المقاولة كما لا يخفي، وقد تقدم أن ذلك ليس من الخطيئة في شيء، وقيل: أراد بها ما عسى يندر منه من الصغائر وهو قريب مما تقمد، وقيل: أراد بها خطيئة من يؤمن به عليه السلام كما قيل نحوه في قوله تعالى: {لّيَغْفِرَ لَكَ الله مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 2]، وهو كما ترى والطمع على ظاهره ولم يجزم عليه السلام لعلمه أن لا وجوب على الله عز وجل.
وعن الحسن أن المراد به اليقين وليس بذاك والظرفان متعلقان بيغفر والاتيان بالأول للإشارة إلى أن نفع مغفرته تعالى إنما يعود إليه عليه السلام.
وتعليق المغفرة بيوم الدين مع أن الخطيئة إنما تغفر في الدنيا لأن أثرها يتبين يومئذ ولأن في ذلك تهويلًا لذلك اليوم وإشارة إلى وقوع الجزاء فيه إن لم تغفر وفي هذه الجملة من التلطف بأبيه وقومه في الدعوة إلى الايمان ما فيها وقرأ الحسن {خطاياي} على الجمع.
{رَبّ هَبْ لِى حُكْمًا} لما ذكر لهم من صفاته عز وجل مما يدل على كمال لطفه تعالى به ما ذكر حمله ذلك على مناجاته تعالى ودعائه لربط العتيد وجلب المزيد.
والمراد بالحكم على ما اختاره الإمام الحكمة التي هي كمال القوة العلمية بأن يكون عالمًا بالخير لأجل العمل به.
وقيل: الأولى أن يفسر بكمال العلم المتعلق بالذات والصفات وسائر شؤنه عز وجل وأحكامه التي يتعبد بها.
وقيل: هي النبوة ورد بأنها كانت حاصلة له عليه السلام فالمطلوب إما عين الحاصل وهو محال ضرورة امتناع تحصيل الحاصل أو غيره وهو محال أيضًا لأن الشخص الواحد لا يكون نبيًا مرتين.
وأجيب بمنع كونها حاصلة وقت الدعاء سلمنا ذلك إلا أنه لا محذور لجواز أن يكون المراد طلب كما لها ويكون بمزيد القرب والوقوف على الأسرار الإلهية والأنبياء عليهم السلام متفاوتون في ذلك.
وجوز أن يكون المراد طلب الثبات ولا يجب على الله تعالى شيء.
والمراد بقوله: {وَأَلْحِقْنِى بالصالحين} طلب كمال القوة العملية بأن يكون موفقًا لأعمال ترشحه للانتظام في زمرة الكاملين الراسخين في الصلاح المنزهين عن كبائر الذوب وصغائرها.
وقدم الدعاء الأول على الثاني لأن القوة العلمية مقدمة على القوة العملية لأنه يمكن أن يعلم الحق وإن لم يعمل به وعكسه غير ممكن.
ولأن العلم صفة الروح والعمل صفة البدن فكما أن الروح أشرف من البدن كذلك العلم أشرف من العمل.
وقيل: المراد بالحكم الحكمة التي هي الكمال في العلم والعمل.
والمراد بقوله: {وَأَلْحِقْنِى} الح طلب الكمال في العمل.
وذكره بعد ذلك تخصيص بعد تعميم اعتناء بالعمل من حيث أنه النتيجة والثمرة للعلم.
وقيل: المراد بالأول ما يتعلق بالمعاش وبالثاني ما يتعلق بالمعاد.
وقيل: المراد بالحكم رياسة الخلق وبالإلحاق بالصالحين التوفيق للعدل فيما بينهم مع القيام بحقوقه تعالى.
وقيل: المراد بهذا الجمع بينه عليه السلام وبين الصالحين في الجنة.
وأنت تعلم أنه لا يحسن بعد هذا الدعاء طلبه أن يكون من ورثة جنة النعيم.
والأولى عندي أن يفسر الحكم بالحكمة بمعنى الكمال في العلم والعمل والإلحاق بالصالحين بجعل منزلته كمنزلتهم عنده عز وجل والمراد بطلب ذلك أن يكون علمه وعمله مقبولين إذ ما لم يقبلا لا يلحق صاحبهما بالصالحين ولا تجعل منزلته كمنزلتهم.
وكأنه لذلك عدل عن قول: رب هب لي حكمًا وصلاحًا أو رب هب لي حكمًا واجعلني من الصالحين إلى ما في النظم الكريم فتأمل ولا تغفل.
{وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (84)} أي اجعل لنفعي ذكرًا صادقًا في جميع الأمم إلى يوم القيامة وحاصله خلد صيتي وذكري الجميل في الدنيا وذلك بتوفيقه للآثار الحسنة والسنن المرضية لديه تعالى المستحسنة التي يقتدي بها الآخرون ويذكرونه بسببها بالخير وهم صادقون.
فاللسان مجاز عن الذكر بعلاقة السببية واللام للنفع ومنه يستفاد الوصف بالجميل، وتعريف {الاخرين} للاستغراق والكلام مستلزم لطلب التوفيق للآثار الحسنة التي أشرنا إليها وكأنه المقصود بالطلب على أبلغ وجه ولا بأس بأن يريد تخليد ذكره بالجميل ومدحه بما كان عليه عليه السلام في زمانه ولكون الثناء الحسن مما يدل على محبة الله تعالى ورضائه كما ورد في الحديث يحسن طلبه من الأكابر من هذه الجهة والقصد كل القصد هو الرضا.
ويحتمل أن يراد بالآخرين آخر أمة يبعث فيها نبي وأنه عليه السلام طلب الصيت الحسن والذكر الجميل فيهم ببعثة نبي فيهم يجدد أصل دينه ويدعو الناس إلى ما كان يدعوهم إليه من التوحيد معلمًا لهم أن ذلك ملة إبراهيم عليه السلام فكأنه طلب بعثة نبي كذلك في آخر الزمان لا تنسخ شريعته إلى يوم القيامة وليس ذلك إلا نبيًا محمد صلى الله عليه وسلم وقد طلب بعثته عليهما الصلاة والسلام بما هو أصرح مما ذكر أعني قوله: {وابعث فِيهِمْ رَسُولًا مّنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آياتك} [البقرة: 129] الخ، ولذا قال صلى الله عليه وسلم: «أنا دعوة إبراهيم عليه السلام».
وقيل إذا أريد ذلك فلابد من تقدير مضاف في كلامه عليه السلام أي اجعل لي صاحب لسان صدق في الآخرين أو جعل اللسان مجازًا عن الداعي بإطلاق الجزء على الكل لأن الدعوة باللسان فكأنه قال: اجعل لي داعيًا إلى الحق صادقًا في الآخرين، ولا يخفى أن فيما ذكرناه غني عن ذلك كله.
وفي تعليقات شيخ مشايخنا العلامة صبغة الله الحيدري طاب ثراه على تفسير البيضاوي في هذه الآية كلام ناشيء من قلة إمعان النظر فلا تغتر به.
واستدل الإمام مالك بهذه الآية على أنه لا بأس أن يحب الرجل أن يثنى عليه صالحًا، وفائدة ذلك بعد الموت على ما قال بعض الأجلة انصراف الهمم إلى ما به يحصل له عند الله تعالى زلفى وأنه قد يصير سببًا لاكتساب المثنى أو غير نحو ما أثنى به فيثاب فيشاركه فيه المثنى عليه كما هو مقتضى «من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة» ولا يخفى عليك أن الأمور بمقاصدها.
{واجعلنى} في الآخرة {مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النعيم} قد مر معني وراثة الجنة فتذكر.
واستدل بدعائه عليه السلام بهذا بعدما تقدم من الأدعية على أن العمل الصالح لا يوجب دخول الجنة وكذا كون العبد ذا منزلة عند الله عز وجل وإلا لاستغنى عليه السلام بطلب الكمال في العلم والعمل وكذا بطلب الإلحاق بالصالحين ذوي الزلفى عنده تعالى عن طلب ذلك، وأنت تعلم أنه تحسن الإطالة في مقام الابتهال ولا يستغنى بملزوم عن لازم في المقال فالأولى الاستدلال على ذلك بغير ما ذكر وهو كثير مشتهر، هذا وفي بعض الآثار ما يدل على مزيد فضل هذه الأدعية: أخرج ابن أبي الدنيا في الذكر وابن مردويه من طريق الحسن عن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا توضأ العبد لصلاة مكتوبة فأسبغ الوضوء ثم خرج من باب داره يريد المسجد فقال حين يخرج بسم الله الذي خلقني فهو يهدين هداه الله تعالى للصواب» ولفظ ابن مردويه: «لصواب الأعمال والذي هو يطعمني ويسقين أطعمه الله تعالى من طعام الجنة وسقاه من شراب الجنة وإذا مرضت فهو يشفين شفاه الله تعالى وجعل مرضه كفارة لذنوبه والذي يميتني ثم يحيين أحياه الله تعالى حياة السعداء وأماته ميتة الشهداء والذي أطمع أن يغفر لى خطيئتي يوم الدين غفر الله تعالى له خطاياه كلها ولو كانت مثل زبد البحر رب هب لي حكمًا وألحقني بالصالحين وهب الله تعالى له حكمًا وألحقه بصالح من مضى وصالح من بقى واجعل لي لسان صدق في الآخرين كتب في ورقة بيضاء أن فلان بن فلان من الصادقين ثم يوفقه الله تعالى بعد ذلك للصدق واجعلني من ورثة جنة النعيم جعل الله تعالى له القصور والمنازل في الجنة» وكان الحسن رضي الله تعالى عنه يزيد فيه واغفر لوالدي كما ربياني صغيرًا وكأنه أخذ من قوله: {وَاغْفِرْ لِأَبِي}.
قال ابن عباس كما أخرج عنه ابن أبي حاتم أي أمنن عليه بتوبة يستحق بها مغفرتك، وحاصله وفقه للايمان كما يلوح به تعليله بقوله: {إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضالين} وهذا ظاهر إذا كان هذا الدعاء قبل موته وإن كان بعد الموت فالدعاء بالمغفرة على ظاهره وجاز الدعاء بها لمشرك والله تعالى لا يغفر أن يشرك به لأنه لم يوح إليه عليه السلام بذلك إذ ذاك والعقل لا يحكم بالامتناع، وفي شرح مسلم للنووي إن كونه عز وجل لا يغفر الشرك مخصوص بهذه الأمة وكان قبلهم قد يغفر وفيه بحث، وقيل: لأنه كان يخفي الايمان تقية من نمروذ ولذلك وعده بالاستغفار فلما تبين عداوته للايمان في الدنيا بالوحي أو في الآخرة تبرأ منه.
وقوله على هذا: {مِنَ الضالين} بناء على ما ظهر لغيره من حاله أو معناه من الضالين في كتم إيمانه وعدم اعترافه بلسانه تقية من نمروذ، والكلام في هذا المقام طويل وقد تقدم شيء منه فتذكر.
{وَلاَ تَحْزَنِى} بتعذيب أبي أو ببعثه في عداد الضالين بعدم توفيقه للايمان أو بمعاتبتي على ما فرطت أو بنقص رتبتي عن بعض الوراث أو بتعذيبي.
وحيث كانت العاقبة مجهولة وتعذيب من لا ذنب له جائز عقلًا صح هذا الطلب منه عليه السلام، وقيل: يجوز أن يكون ذلك تعليمًا لغيره وهو من الخزي بمعنى الهوان أو من الخزاية بفتح الخاء بمعنى الحياء {يَوْمِ يُبْعَثُونَ} أي الناس كافة، والإضمار وإن لم يسبق ذكرهم لما في عموم البعث من الشهرة الفاشية المغنية عنه، وقيل: الضمير للضالين والكلام من تتمة الدعاء لأبيه كأنه قال: لا تخزني يوم يبعث الضالون وأبي فيهم، ولا يخفى أنه يجوز على الأول أن يكون من تتمة الدعاء لأبيه أيضًا، واستظهر ذلك لأن الفصل بالدعاء لأبيه بين الدعوات لنفسه خلاف الظاهر، وعلى ما ذكر يكون قد دعا لأشد الناس التصاقًا به بعد أن فرغ من الدعاء لنفسه.
{يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ}.
بدل من {يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [الشعراء: 87] جىء به تأكيدًا لتهويل ذلك اليوم وتمهيدًا لما يعقبه من الاستثناء وهو إلى قوله تعالى: {إِنَّ في ذَلِكَ لآيَةً} [الشعراء: 103] بدل من {يَوْمِ يُبْعَثُونَ} جيء به تأكيدًا لتهويل ذلك اليوم وتمهيدًا لما يعقبه من الاستثناء وهو إلى قوله تعالى: {إِنَّ في ذَلِكَ لآيَةً} الخ من كلام إبراهيم عليه السلام، وابن عطية بعد أن أعرب الظرف بدلًا من الظرف الأول قال: إن هذه الآيات عندي منقطعة عن كلام إبراهيم عليه السلام وهي أخبار من الله عز وجل تتعلق بصفة ذلك اليوم الذي طلب إبراهيم أن لا يخزيه الله تعالى فيه، ولا يخفى عدم صحة ذلك مع البدلية، والمراد بالبنون معناه المتبادر، وقيل: المراد بهم جميع الأعوان، وقيل: المعنى يوم لا ينفع شيء من محاسن الدنيا وزينتها، واقتصر على ذكر المال والبنين لأنهما معظم المحاسن والزينة.
{إِلاَّ مَنْ أَتَى الله بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} استثناء من أعم المفاعيل، و{مِنْ} محل نصب أي يوم لا ينفع مال وإن كان مصروفًا في الدنيا إلى وجوه البر والخيرات ولا بنون وإن كانوا صلحاء مستأهلين للشفاعة أحدًا إلا من أتى بقلب سليم عن مرض الكفر والنفاق ضرورة اشتراط نفع كل منهما بالايمان، وفي هذا تأييد لكون استغفاره عليه السلام لأبيه طلبًا لهدايته إلى الايمان لاستحالة طلب مغفرته بعد موته كافرًا مع علمه عليه السلام بعدم نفعه لأنه من باب الشفاعة، وقيل: هو استثناء من فاعل {ينفَعُ} ومن في محل رفع بدل منه والكلام على تقدير مضاف إلى من أي لا ينفع مال ولا بنون الأمال وبنو من أتى الله بقلب سليم حيث أنفق ماله في سبيل البر وأرشد بنيه إلى الحق وحثهم على الخير وقصد بهم أن يكونوا عبادًا لله تعالى مطيعين شفعاء له يوم القيامة، وقيل: هو استثناء مما دل عليه المال والبنون دلالة الخاص على العام أعني مطلق الغني والكلام بتقدير مضاف أيضًا كأنه قيل: يوم لا ينفع غني إلا غني من أتى الله بقلب سليم وغناه سلامة قلبه وهو من الغنى الديني وقد أشير إليه في بعض الأخبار.
أخرج أحمد والترمذي وابن ماجه عن ثوبان قال: لما نزلت {والذين يَكْنِزُونَ الذهب والفضة} [التوبة: 34] الآية قال بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو علمنا أي المال خير اتخذناه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفضله لسان ذاكر وقلب شاكر وزوجة صالحة تعين المؤمن على إيمانه» وقيل: هو استثناء منقطع من {مَّالِ} [الشعراء: 88] والكلام أيضًا على تقدير مضاف أي لا ينفع مال ولا بنون إلا حال من أتى الله بقلب سليم، والمراد بحاله سلامة قلبه، قال الزمخشري: ولابد من تقدير المضاف ولو لم يقدر لم يحصل للاستثناء معنى، ومنع ذلك أبو حيان بأنه لو قدر مثلًا لكن من أتى الله بقلب سليم يسلم أو ينتفع يستقيم المعنى.
وأجاب عنه في الكشف بأن المراد أنه على طريق الاستثناء من مال لا يتحصل المعنى بدون تقدير المضاف، وما ذكره المانع استدراك من مجموع الجملة إلى جملة أخرى وليس من المبحث في شيء، ولما لم يكن هذا مناسبًا للمقام جعله الزمخشري مفروغًا عنه فلم يلم عليه بوجه، وقد جوز اتصال الاستثناء بتقدير الحال على جعل الكلام من باب:
تحية بينهم ضرب وجيع

ومثاله أن يقال: هل لزيد مال وبنون فتقول ماله وبنوه سلامة قلبه تريد نفي المال والبنين عنه وإثبات سلامة القلب بدلًا عن ذلك، هذا وكون المراد من القلب السليم القلب السليم عن مرض الكفر والنفاق هو المأثور عن ابن عباس ومجاهد وقتادة وابن سيرين وغيرهم، وقال الإمام: هو الخالي عن العقائد الفاسدة والميل إلى شهوات الدنيا ولذاتها ويتبع ذلك الأعمال الصالحات إذ من علامة سلامة القلب تأثيرها في الجوارح.
وقال سفيان: هو الذي ليس فيه غير الله عز وجل، وقال الجنيد قدس سره: هو اللديغ من خشية الله تعالى القلق المنزعج من مخافة القطيعة وشاع إطلاق السليم في لسان العرب على اللديغ، وقيل: هو الذي سلم من الشرك والمعاصي وسلم نفسه لحكم الله تعالى وسالم أولياءه وحارب أعداءه وأسلم حيث نظر فعرف واستسلم وانقاد لله تعالى وأذعن لعبادته سبحانه، والأنسب بالمقام المعنى المأثور وما ذكر من تأويلات الصوفية، وقال في الكشاف فيما نقل عن الجنيد قدس سره وما بعده: إنه من بدع التفاسير وصدقه أبو حيان بذلك في شأن الأول. اهـ.